علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الظاهري، أبو محمد، عالم الأندلس في عصره، وأحد أئمة الإسلام، ولد بقرطبة سنة (384هـ) وكانت له ولأبيه من قبله رياسة الوزارة وتدبير المملكة، فزهد بها وانصرف إلى العلم والتأليف، فكان من صدور الباحثين فقيها حافظا يستنبط الأحكام من الكتاب والسنة، بعيدًا عن المصانعة، وانتقد كثيرًا من العلماء والفقهاء، فتمالئوا على بغضه، ونهوا عوامهم عن الدنو منه، فأقصته الملوك وطاردته، فرحل إلى بادية ليلة من بلاد الأندلس فتوفي فيها وذلك سنة (456هـ).
هذا كتاب جامع يعد موسوعة عن الملل والأهواء والنحل؛ حيث عرض فيه مصنفه لمختلف الفرق الإسلامية، وللديانتين اليهودية والنصرانية؛ ومن أهم ما تناوله المصنف في هذا الكتاب: البراهين الجامعة الموصلة إلى الحق، وعدد فرق أهل الكتاب من اليهود والنصارى، والأناجيل الأربعة وما فيها من التناقض والكذب، وحقيقة الروح في منهج الإسلام، وفرق أهل الإسلام، والقرآن وإعجازه، والقضاء والقدر، والاستطاعة، والهدى، والتوفيق، وخلق الله عز وجل لأفعال خلقه، والإيمان والكفر، والطاعة والمعصية، والوعد والوعيد، ومكان المشيئة الإلهية من كفر الكافر وفسق الفاسق، والأنبياء والرسل، والملائكة، والشفاعة والميزان، والعظائم المخرجة إلى الكفر، والسحر، والمعجزات والجن، والطبائع، ونبوة النساء، والفقر والغنى، والاسم والمسمى، وقضايا النجوم، والبقاء والفناء، والمعدوم والحركة والسكون، والجواهر والأعراض والجسم والنفس.
يعد هذا الكتاب واحدا من أهم كتب الفقه الإسلامي، وموسوعة فقهية عظيمة، استعرض فيها ابن حزم آراء معظم من سبقه وعاصره من الفقهاء، ولم يقف عند حد النقل بل كان يمحص الآراء تمحيصا دقيقا ويعرضها على ميزانه الدقيق ثم يخرج بالرأي الذي يترجح عنده بعد مناظرات فقهية ثرة وسوق للأدلة مبهر. ولقد أعان ابنَ حزم على إخراج المحلى في هذه الصورة الموسوعية غزارةُ علم وكثرة محفوظ مع دقة نظر وصحة استدلال، فأتى كتابا فريدا لا يستطيعه إلا نوادر الرجال وجهابذة العلماء.